اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه logo إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
shape
السراج الوهاج للمعتمر والحاج
65400 مشاهدة print word pdf
line-top
المواقيت المكانية

القسم الثاني: مواقيت مكانية:
أما المواقيت المكانية فإنها التي حددها وقدرها النبي -صلى الله عليه وسلم- في سنته، فثبت في الصحيح عن ابن عباس وابن عمر -رضي الله عنهم- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقَّت لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرنا، ولأهل اليمن يلملم قال: هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن أراد الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك فمُهله من حيث أنشأ، حتى أهل مكة يهلون من مكة
هذه هي المواقيت المفروضة، والتي تسمى بالمواقيت المكانية.
وسبب شرعيتها وشرعية الإحرام منها، أن هذا المكان المقدس الذي هو البيت العتيق له مكانته وشرفه وفضيلته وحرمته، فإذا أقبل الناس إليه ودفعهم الشوق إلى تلك المشاعر، وقربوا منه، شرع لهم أن يظهروا بصفة يتميزون بها عن غيرهم، فيعرفهم غيرهم بأنهم من الوافدين إلى هذا البيت فشرع لهم لباس خاص يتميزون به قبل أن يصلوا مكة بمسافة، وشرع لهم شعارٌ خاصٌ وهو التلبية، وكان ذلك دليل إجابتهم.
لقد شرع الحج على لسان إبراهيم بقوله: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (سورة الحج، الآية: 27)، كما روى ذلك ابن جرير وابن عباس ومجاهد في تفسير هذه الآية من سورة الحج، فقد أمره الله أن ينادي فقال: يا أيها الناس إن الله كتب عليكم الحج فحجوا. فأسمع الله من في أصلاب الرجال وأرحام النساء، فجاءوا من كل فج عميق، رافعين أصواتهم يُهِلُّون بالتلبية، لبيك اللهم لبيك، أي: نحن مجيبون لك أيها الداعي، فكان من حكمة الله أن جعل لهذا البيت أماكن نائية بعض الشيء إذا وصل إليها المسلم قاصدا مكة فإنه يعمل عملا يتسم ويتميز به عن غيره، تدل على إجابته للنداء، وتعظيمه لشعائر الله: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (سورة الحج، الآية: 32) .
ولا شك أن تعظيم تلك المشاعر تعظيم لله الذي أمر عباده بالتعبد فيها، لا لأنها أماكن ولا لأنها بنايات أو مقامات، ولكن يعظمونها بأمر الله، وهم يذكرون الله فيها، ويقرؤون كلامه، ويركعون ويسجدون، ويخضعون له ويذلون ويتواضعون، وهم منيبون إليه.

line-bottom